أعطى الربيع العربي حياة جديدة للأحزاب السياسية التابعة لجماعة الإخوان المسلمون في سعيها لاستخدام الثورات والانتخابات في المنطقة كنقطة انطلاق للسلطة السياسية.
وبعد مرور فترة زمنية معينة، وبعد النجاحات الأولى للربيع العربي في مصر وتونس واليمن وسوريا، بدأ الهجوم على جماعة الإخوان المسلمون، والجماعات التابعة لها في هذه البلدان.
وعلى عكس المملكة العربية السعودية التي تتعاون مع الفرع اليمني للإخوان المسلمون، فقد أبدت الإمارات عداءً كاملاً لأي عرض للإسلام السياسي.
حيث دعمت اليد الخفية للإمارات الثورة المضادة للإطاحة بالإخوان من خلال تقديم الكثير من الدعم المالي، والتسهيلات للجيش الذي يحاول القضاء على الإخوان المسلمون في مصر.
ثم حولت أبو ظبي انتباهها إلى تونس، حيث وصل حزب النهضة الإسلامي المؤيد للديمقراطية إلى السلطة بعد نجاح ثورة الياسمين في البلاد، ونظرًا لأن النهضة ستلهم جماعة الإخوان المسلمون، فيمكنها أن تكون حليفًا للإخوان المسلمون في مصر، وخوفًا من أن يؤدي الانتقال الناجح إلى إلهام المزيد من الأحزاب الإسلامية على المستوى الإقليمي، سعت الإمارات إلى تقوية حزب نداء تونس العلماني.
وأدّى ذلك في البداية إلى إضعاف حركة النهضة، وإجبارها على تشكيل تحالف لتقاسم السلطة في الانتخابات الرئاسية لعام 2014، وقد أفادت الأنباء لاحقًا أنّ أبو ظبي شجعت حزب النداء التونسي على إطلاق انقلاب للاستيلاء على السلطة لتكرار النموذج المصري في تونس.
وفي اليمن، كانت الإمارات وراء اغتيال أعضاء بارزين في حزب الإصلاح، وهو حزب معتدل محسوب على جماعة الإخوان المسلمون، علاوة على ذلك، دعمت أبو ظبي المجلس الانفصالي الجنوبي الانتقالي في اليمن، والذي كان أيضًا معاديًا لجماعة الإخوان المسلمون.
ولم تحصل أبو ظبي على ما تريده بالضبط في اليمن كما في تونس.
وفي السودان، دعمت الإمارات في عام 2019 المجلس العسكري الانتقالي (TMC) الذي يهدف إلى إقامة نظام استبدادي مناهض للإسلام في البلاد.
ما الذي يفسر رغبة الإمارات في سحق جماعة الإخوان المسلمون؟
ومع موجة الربيع العربي، ألهمت الدعوات للإصلاح السلمي في الإمارات العديد، بمن فيهم المثقفون والنشطاء والمحامون، للمطالبة بالإصلاح في الدولة، وكان من بينهم أعضاء في الإصلاح، لذلك حاولت الإمارات سحقهم، وشنّت حملة ضدهم، كما أنهت إمكانية الإصلاح.
وفي عام 2006 كان قد قال "ابن زايد" لدبلوماسيين أميركيين: "إنه إذا أجريت الانتخابات غدًا، فإنّ جماعة الإخوان المسلمون في الإمارات سيفوزون".
وفي عام 2012، زعم قائد شرطة دبي بأنّ هناك "مؤامرة دولية" للإخوان للإطاحة بالحكومات الإقليمية، والتي وصفها بأنها تهديد أكبر من إيران.
ويكشف خوف الإمارات الصارخ من جماعة الإخوان المسلمون سبب قيامها بحملات في الخارج، مع الاعتراف بأن نجاح الجماعات الإسلامية في المنطقة يمكن أن يلهم الآخرين في أماكن أخرى، ويؤدي إلى دعوات للإصلاح داخل الإمارات، ولم تتردد أبو ظبي في استخدام ثروتها الهائلة ونفوذها الدبلوماسي لاستهداف أي منطقة تشعر فيها بأدنى أثر لوجود الإخوان المسلمون.
وقد أشارت جماعات حقوق الإنسان إلى أنّ الضغط داخل الإمارات قد ازداد حيث تحاول الحكومة احتواء أي نمو محتمل للإسلام السياسي.
وقد دعمت الإمارات الجيش المصري بقيادة "عبد الفتاح السيسي" بعد الربيع العربي ضد جماعة "الإخوان المسلمون"، كما دعمت الجيش السوداني ضدهم أيضًا، ودعمت "خليفة حفتر" الليبي، وذلك من خلال إقامة علاقات مستمرة مع الفاعلين السياسيين.
وتحافظ أبو ظبي الآن على اتصالات مستمرة مع بشار الأسد في سوريا، وأعادت أبو ظبي العلاقات الدبلوماسية مع دمشق في كانون الأول/ ديسمبر 2018، والإمارات العربية المتحدة تعتبر الأسد حصنًا مضادًا للثورة في وجه الحركات الإسلامية والتغييرات الديمقراطية.
وطالما أنّ أبو ظبي تعاني من هذا الخوف غير العقلاني من الإسلام السياسي، فإن التغيير الديمقراطي الحقيقي سوف يتم تخريبه في جميع أنحاء المنطقة. (İLKHA)